معرفی کتاب

صدر عن مکتبة الملک عبد العزيز العامة بالرياض کتاب جديد للدکتور مازن مطبقاني بعنوان (رحلاتي إلى امريکا) وهذا الکتاب يتناول مشاهدات وملاحظات وقراءات حول الولايات المتحدة الأمريکية من خلال ثلاث رحلات کانت الأولى عام 1388هـ الموافق 1968م حين کان المؤلف في المرحلة الجامعية. أي بعد الهزيمة المدوية التي عاناها العالم العربي بعد حرب الستة أيام أو الستة ساعات. وحينما کان الکثير من الطلاب العرب مازالوا يعيشون أوهام القومية العربية التي ستنتصر يوماً ما على إسرائيل وعلى أعدائها، وستحقق للأمة العربية المجد والسؤدد. واستمرت هذه الرحلة خمس سنوات قرأت کثيراً وقرأت أکثر في واقع الحياة الأمريکية.
کان من المفيد في العيش في أمريکا أنک إن أردت أن تتعلم وتتثقف فالمجالات مفتوحة إلى أقصى حد إن أردت أن تفيد منها، فأولها الجامعة والمواد الدراسية المختلفة، ثم الأندية الطلابية ونشاطاتها، ثم نشاطات الطلاب العرب وجمعيتهم –رغم غموض في قياداتها في جامعة ولاية أريزونا في الفترة التي عشت فيها- ثم هناک القنوات التعليمية التي کانت تبث من الجامعة. وکانت القناة التعليمية في جامعة أريزونا تبث بعض البرامج التي لا يهتم بها معظم الطلاب لأنه طابعها الأساسي هو الطابع الجدي التعليمي.
تناول هذا الجزء تعريف الحضارة وأن الحضارة الحقيقية هي حضارة الإسلام التي تستمد قيمها وأسسها من الوحي وأن الأمم الأخرى استطاعت أن تبني مدنيات تفوقت في نواحي القوة والمادة. ولعل من أبرز موضوعات هذا القسم مقالة بعنوان:" أمريکا تحتضر" تناول فيها أن أمريکا التي تبدو للعالم في أوج قوتها وعظمتها تمر بمرحلة الهبوط التي قد تخفى على الکثيرين الذين تخدعهم القوة العسکرية والسياسية والاقتصادية. وقد أوضح الکاتب عوامل الانهيار التي تواجهها الإمبراطورية الأمريکية والتي أدت إلى سقوط أمم وحضارات سابقة. کما أن الکاتب تناول قضايا أخرى مثل ضعف الصلات الاجتماعية، وفقدان الاستقرار والأمن النفسي في أمريکا.
وکانت الرحلة الثانية في أثناء إعداد بحث الدکتوراه حول المستشرق البريطاني الأصل الأمريکي الجنسية برنارد لويس عام 1408هـ(1988م) حيث ترکزت الزيارة لإحدى الجامعات العريقة والثرية بل المترفة أيضاً وهي جامعة برنستون فتعلمت الکثير کيف تکون الجامعات، وکيف تدار النشاطات داخل الجامعات وبخاصة في قسم دراسات الشرق الأدنى.
وکانت الرحلة الثالثة عام 1415هـ(1995م)لزيارة أقسام دراسات الشرق الأوسط، ومراکز البحوث والمعاهد المتخصصة في العالم العربي الإسلامي، وبعض مراکز البحوث والمعاهد الأمريکية العامة مثل معهد بروکنجز، ومعهد الولايات المتحدة للسلام، ومکتبة الکونجرس، ومؤسسة راند. والمعهد الدولي للفکر الإسلامي، وغيرها.
فإذا کانت أمريکا عند البعض هي تلک المناظر الثرية المترفة التي تظهر في أفلام هوليود من شوارع شيکاغو الضخمة وناطحات سحابها، وليست القصور الفخمة التي يعيش فيها الممثلون والممثلات في هوليود، وهي لدى البعض الآخر تلک الأحياء الفقيرة المعدمة في الشوارع الخلفية لنيويورک أو لوس أنجلوس أو غيرها کما يقول مؤلفا کتاب (فخ العولمة)؛ فأمريکا أيضاً هي الجامعات ومراکز البحوث والمؤسسات العلمية التي يجتمع الباحثون من جميع أنحاء العالم ليقدموا نتائج بحوثهم ودراساتهم، وأمريکا أيضاً المصانع الضخمة من صناعة السيارات إلى صناعة الطائرات إلى صناعة الملابس والأزياء والعطور.
وأمريکا لدى بعض الباحثين هي المجتمع الذي تکثر فيه الجريمة فهي إذن تلک السجون التي تؤوي المجرمين والقتلة والمدمنين على المخدرات والمسکرات، وهي أيضا البلد التي ترتفع فيه نسبة الطلاق ويصل الشاذون إلى مناصب مهمة.
يمکننا أن نتعلم الکثير من أمريکا، وما زالت أمريکا تقدم نماذج رائعة في دعم البحث العلمي وتقدير العلماء، وتقدم للعالم منتوجات لا مثيل لها في غيرها من الدول. ولکنها في الوقت نفسه تقدم العبرة والدرس في بعض الأمور مثل تفکک الأسرة وانحدار مکانة المرأة وضعف التربية وغيرها من العبر والدروس.
يأمل المؤلف من خلال صفحات هذا الکتاب أن يقدم صورة أقرب إلى الشمول حول أمريکا الأمس واليوم، فإن کانت الصورة متشائمة فلأن الواقع يدعم هذا التشاؤم، ولئن کانت متفائلة في بعض الأحيان ففي أمريکا ما يدعو إلى التفاؤل، ولکن المحصلة النهائية أن لله عز وجل سننا تسير بها الأمم والشعوب فإن تجاوزت الحدود انطبقت عليها تلک السنن فليس بين الله وبين أحد من البشر نسب ولا قرابة<?xml:namespace prefix = o ns = "urn:schemas-microsoft-com:office:office" />